اكتشف علماء كنديون من جامعة تورنتو وجود صلة بين الوسائط الرقمية وزيادة الشعور بالملل. ونُشر البحث في المجلة العلمية Communication Psychology (CommsPsy). وفقا للاستطلاعات والدراسات الوطنية، أفاد الناس اليوم أنهم يشعرون بالملل أكثر من أي وقت مضى. ومع ذلك، زادت معدلات الملل بشكل ملحوظ بين المراهقين وطلاب الجامعات منذ عام 2009. ونظرًا لارتباط الملل المزمن بمشاكل مثل القلق والاكتئاب وحتى السلوك العدواني، قرر العلماء معرفة سبب هذه الظاهرة.

يرى المؤلفون أن الوسائط الرقمية قد وضعت معايير عالية للمشاركة من خلال توفير تدفق مستمر من التحفيز المجزي.
يشجع هذا النموذج المستخدمين على البحث عن المزيد من التحفيز، مما يرفع توقعاتهم لما هو “ممتع بما فيه الكفاية”. على سبيل المثال، يعكس تطور محتوى الوسائط الاجتماعية – الانتقال من النص إلى الصور ومقاطع الفيديو القصيرة – الحاجة المتزايدة لتفاعل أسرع وأقوى لجذب انتباه المستخدم.
ونتيجة لذلك، فإن الأنشطة التي لا تتوافق مع هذا المستوى من التحفيز، مثل قراءة كتاب أو حضور عرض تقديمي، قد تبدو مملة. والمشكلة الأخرى هي أن الوسائط الرقمية تشتت الانتباه، مما يجعل من الصعب التركيز على النشاط. تجلب الهواتف الذكية عدداً لا يحصى من عوامل التشتيت – الإشعارات والتطبيقات المتعددة والقدرة على التبديل بسرعة بين الأنشطة – التي تعطل القدرة على التركيز لفترات طويلة من الزمن. تظهر الأبحاث أن الانقطاعات المتكررة تقلل من رضا المستخدمين وقدرتهم على الانغماس الكامل في مهمة واحدة، مما يؤدي إلى زيادة احتمال الشعور بالملل. تتضمن الآلية الرئيسية الثالثة المعنى، الذي يصفه المؤلفون بأنه ضروري للتفاعل المستمر.
غالبًا ما توفر الوسائط الرقمية، وخاصة الوسائط الاجتماعية وتصفح الويب، معلومات مجزأة ومفككة. يمكن لهذه التجارب المجزأة أن تقلل من مشاعر الارتباط والمعنى، مما يجعل الناس يشعرون بأن الوقت الذي يقضونه على الإنترنت لا يرضيهم. يسلط الباحثون الضوء على أن الوسائط الرقمية، رغم توفيرها لتحفيز لا نهاية له، تعمل على تعزيز الملل بشكل متناقض من خلال زيادة الحاجة إلى التفاعل وتقليل الاهتمام.